صار الجميع في روسيا يعتبرون راسبوتين شيطانا ، أقارب القيصر حملوه مسئولية إضعاف الحكم القيصري ، والشعب أصبح يعارض بشدة نفوذه وسيطرته على الحكم ، وامتدت هذه المعارضة لتشمل كبار الضباط وأعضاء الحكومة .. لقد أجمع رأي الجميع على أن وجود راسبوتين أصبح غير مرغوب فيه .. وهكذا صارت نهايته على المحك .
محاولة القتل الأولى تعرض لها راسبوتين عام 1914 عندما كان يزور عائلته في سيبيريا ، فبعد مغادرته الكنيسة مساءا هاجمته امرأة وطعنته بالسكين في بطنه وهي تصرخ : "لقد قتلت عدو المسيح" . لكن راسبوتين لم يمت ، شفي من جراحه ونجا .
الامير يوسوبوف وزوجته .. وصورة قصر مويكا ..
المحاولة الثانية عام 1916 كانت من تدبير الأمير " يوسوبوف" زوج الأميرة ايرينا ابنة أخ القيصر . الأمير كان من أكثر التواقين للتخلص من راسبوتين ، وفي منزله حيكت خيوط المؤامرة بالاتفاق مع أبن عم القيصر ديمتري بافالويتش والسياسي اليميني فلاديمير برشيكفيتش . كانت الخطوة الأولى تتمثل بدعوة راسبوتين إلى قصر "مويكا" بحجة أن زوجة الأمير يوسوبوف تريد مقابلته ، وقد وقع راسبوتين بالفخ ، فأتى إلى القصر مرتديا ملابسه الأنيقة لاعتقاده بأنه سيقابل زوجة يوسوبوف الجميلة ، وحال دخوله القصر أستقبله يوسوبوف بحفاوة ودعاه للنزول إلى القبو لمقابلة زوجته ، وهناك في القبو قدموا له شرابا وكعكا مسموما يكفي لقتل خمسة أشخاص ، بيد أن راسبوتين لم يتأثر بالسم وظل متماسكا صلبا ، عندها نفذ صبر الأمير يوسوبوف فأمسك مسدسه وأطلق النار على ضيفه مباشرة ، فوقع راسبوتين أرضا وظن القتلة بأنه مات فغادروا ، لكن الأمير يوسوبوف عاد بعد قليل لأخذ معطفه ، وبينما هو بالقبو قرر أن يتفحص الجثة ،
فقرب رأسه من وجه راسبوتين ليتأكد من موته ، وهنا فتح راسبوتين عينيه فجأة وأطبق بكل قوته على رقبة الأمير وكاد أن يقتله لولا أن رفاق الأمير سمعوا الجلبة والصراخ فعادوا إلى القبو وأطلقوا النار على راسبوتين ثلاث مرات أخرى ، فسقط أرضا بلا حراك . لكن لم يتركوه هذه المرة ، لقد أيقنوا بأنهم أمام شيطان حقيقي وليس إنسانا كسائر البشر ، فضربوه ورفسوه ووضعوه في عربة ثم أخذوه إلى النهر حيث أغرقوه في مياهه الباردة .
جثة راسبوتين عندما اخرجوها من النهر ..
بعد عدة أيام طفت جثة راسبوتين على السطح ، وعندما أخرجوه وجدوا خطابا في جيبه موجها إلى القيصر يقول فيه : " أنى أتوقع أن أموت قتلا هذا العام ، فإن كان قاتلي من عامة الشعب والفلاحين فسوف يستمر عرشك بضع سنوات أخرى ، أما إذا كان القتلة من النبلاء فلا عرش لك ولا لأولادك من بعدك " .
وبالفعل .. بعد ثلاثة أشهر فقط من مقتله تحققت نبوءة راسبوتين فأطاحت الثورة الروسية بالحكم القيصري وقضي على آخر جيل من عائلة "رومانوف" ، وبعدها بتسع شهور تم إعدام القيصر " نيقولاس" وعائلته في سيبيريا .
بعض المؤرخون يعتقدون بأنه لو لم يكن هناك " راسبوتين " لما سقطت العائلة القيصرية بهذه السرعة ولا بهذه الطريقة المأساوية ، فوجوده جلب لها كراهية الشعب الروسي الذي كان يرى في راسبوتين تجسيدا مطلقا للشر ، لا بل أن نجاح الثورة البلشفية ودوامها كان له ارتباط براسبوتين أيضا ، فالثورا راحوا يخوفون الناس من خيانة الثورة بزعم أن خيانتها تعنى عودة الماضي بكل مساوئه وظهور راسبوتين آخر .
وبعد نجاح الثورة أقدم بعض العمال على استخراج جثة راسبوتين من قبره وأحرقوها في غابة مجاورة ، وبحسب الشهود ، فأن الحياة دبت بالجثة أثناء حرقها ، فقامت وجلست القرفصاء وبدا كأنها تريد أن تنهض لولا أن النار أحاطت بها من كل جانب وحولتها إلى رماد ! .
تعليقات
إرسال تعليق