التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هما الميتين بيتكلموا في المقابر ؟


هما الميتين بيتكلموا في المقابر ؟، بيخرُج منهم أصوات طيب ؟، هل فعلاً بيصرخوا وبيندهوا على أسماء الناس اللي كانوا بيحبوهم في أول تلات أيام ليهم بعد الدفن ؟ كُلها أسئلة بدور في دماغي من زمان، وده خلاني أدور وأقرأ عن محاولات تصوير اللي بيحصل داخل المقابر، أو تسجيل أصوات الجُثث اللي كانت كتيره ومثيرة، ونسبة كبيرة من المحاولات دي فشلت، والنسبة البسيطة اللي وصلت لأسرار خطيرة ومرعبة عن الأموات والأرواح تم التكتم عليها لأسباب مجهولة. علشان كده ده كان موضوع بحثي، وهو الوصول لأصوات الموتى بس بطريقة مُختلفة تمامًا.
البحث بتاعي بدأ عن طريق دراستي للفيزياء، والكيمياء، والتشريح علشان أقدر أفهم تركيبات الجسم والتفاعلات اللي بتحصل جواه، وبعد كده درست حاجة اسمها "علم الأصوات وتحركاتها"، ومن خلال الدراسة دي عرفت حاجات مُهمة ساعدتني في شغلي، وبَعد ما خلصت كُل الحاجات دي، قررت أصمم جهاز أقدر منه أوصل لأصوات الموتى داخل المقابر بطريقة مُبتكرة.

خلوني قبل ما أقولكم عملت إيه ووصلت لأيه أعرفكم إن الطُرق اللي استخدمتها مش هقدر أعلن عنها. المُهم صممت جهاز صغير أد عقلة الصُباع وساعدني في ده دراستي للهندسة الكهربائية، وطريقة عمل الجهاز إنه بيتحط في المقبرة، وبيتوصل ببرنامج معين مش هقول اسمه على اللاب توب، وبقدر بعد كده أسجل الأصوات والحركات الغَريبة. روحت لأقرب مقابر جنب بيتي، ودفعت مَبلغ مُحترم للتُربي علشان يدخلني وأحط الجهاز بتاعي.

دخلت قبر مدفون فيه ثلاث جُثث جُداد معداش عَليهم ثلاث ساعات على حسب كلام التُربي، وتأكد بنفسي من كلامه ده لما بَصيت على الجُثث وتفحصتها ولاقيتها جديدة. طلعت الجهاز من جيبي ودوست عليه وعرفت من اللمبة الحمراء إنه اشتغل، وعملت حاجة أنا ندمان عَليها جدًا، قَربت الثلاث جُثث من بعض وحَطيت الجهاز عَند رقبة جُثة مِنهم علشان يلقُط الصوت بشكل كويس.
خَرجت من المقابر وأنا حاسس بانتصار مُختلط بخوف وتأنيب ضمير من انتهاكي لحُرمة الميتين، بس في النهاية صبرت نَفسي إن اللي بعمله ده لو نجح هينقذ الناس اللي بتدفن بالغلط وهي عايشة، وهيكشفلنا أساطير عالم الموتى. روحت البيت، فتحت اللاب توب، وشربت كوبيتين قهوة علشان أكون فايق، وقعدت مستني أي رد فعل، ساعة، التانيه، التالتة،  مافيش أي حاجة غَريبة حصلت، طلعت الورق اللي بكتب فيه بحثي، وقولت إن أول يوم بيعدي على الجُثث بسلام. نمت من التعب على اللاب، وسمعت بعد دقائق بسيطة في ودني صوت حد بينده عليا باسمي، فتحت عيني، وافتكرت والدتي رجعت من السفر، بس لاقيت باب الشَقة مقفول ومافيش حد جيه.

 بصيت على اللاب لاقيت المؤشر بتاع درجات ارتفاع وانخفاض الصوت عمال بيعلى وبينزل، وده معناه إن في أصوات داخل المقابر دلوقتي، عَليت الصوت وحاولت أركز، بس المؤشر كان عمال بيعلى وينزل بسُرعة كبيرة، لحد ما وصل لأعلى درجة، قَربت ودني من اللاب وحاولت أسمع أكتر، كان في صوت هادئ بيتكلم مع حد تاني، وفجأة ودني كانت هتنفجر لما لاقيت صُراخ بيخرُج من اللاب، رجعت بالكُرسي لورا ووقعت بظهري، وبطرف عيني الشمال شوفت حد بيجري وبيدخُل للحمام بتاعي.
قُمت بخوف، ومشيت ناحية الحمام بتردد، ولما وصلت وبصيت من بَره لمحت حاجة بتتحَرك جوه، مَديت إيدي برُعب وفتَحت النور، واتصدمت لما لمحت خيال أسود داكن، شكله عامل زي التعابين الكبيرة، بيجري وبيخرُج من شُباك الحمام، فضلت في مكاني مش قادر أقرب منه، لحد ما خَرج، فتَحت الشُباك وبصَيت مكَنش ليه أثر.

وفجأة سمعت في الصالة أصوات مُختلفة خارجة من اللاب، جريت عَليه، لاقيت مجموعة أصوات مُتداخلة في بعضها، مسكت الورقة والقَلم وركزت، وبعد ثواني قدرت أفهم بيقولوا إيه، وسمعت تلات جُمل مكنتش متخيل إني هسمعهم في حياتي
الأول كانت من صوت هادئ بيقول: غرورك وكبريائك سبب موتنا.
والثاني اتكلم بعصبية وصوت خشن وقال: غرقنا في المياه أنت السبب فيه.
رد عَليهم الصوت الثالث بنبرة حادة وقال: الموت رحلة، رحلة قُصيرة لابد منها.
مفهمتش قالوا إيه بعد كده، بس صراخهم زاد أوي، كأنهم كانوا بيتخانقوا، كُنت بسمعهم وجسمي بيترعش، وكُل شوية بَبُص ورايا علشان في حركات غَريبة بتحصل، الثلاث أصوات سكتوا، وبعد شوية واحد منهم نده على اسمي، وقالي "هنجيلك".

بعدها النور قطع، اللاب فضل شغال علشان البطارية، والتواصل بيني وبين الجهاز اللي جوه القبر اتقطع لأنه شغال عن طريق النت، وعلى ضوء اللاب توب شوفت تلات أجسام بتقَرب مني وبتخرُج من الحمام، فضلت متسمر في الكُرسي، لا قادر أقوم، ولا قادر أبُص أشوفهم، اللاب فصل، ومبقاش معايا مَصدر إضاءة غير الموبايل بتاعي، سحبته من فوق السُفرة، لاقيتني خبَطت في إيد متلجة، صرخت بقوة، وولعت الكشاف بتاعه، لاقيت وش أسود بعيون سودة لازق في وشي، فضلت لثواني على الوضعية دي، لحد ما اختفى الوش الملعون ده فجأة، ولاقيت إيد بتشدني لورا فوقعت وفقدت قُدرتي على الكلام، والحَركة، والرؤية حتى في الضلمة، ودني اللي كانت شغالة وحدها، وكان في حد بيقول:
-الليلة الأولى خلصت، أحذر من الثانية والثالثة.

فضلت واقع على الأرض مبعملش حاجة، لحد ما النهار طلع، قُمت وكتبت كُل اللي شوفته، والتسجيلات اللي طلعتها من القبر حفظتها في ملف على اللاب وكتبت عليهم "الليلة الأولى".  فيما بعد مقدرتش أكل ولا أشرب، وعيني مكَنتش عايزه تتقفل، حاولت أنام مقدرتش، جسمي كان بيترعش من شدة الخوف، بس في نفس الوقت الشغف كان بيدفعني أكمل، فقررت مقفش.
 ففتحت اللاب وفضلت قاعد قُدامه لحد ما الليل جيه والنور كمان جيه معاه، فتحت البرنامج، وكلمت التُربي يغير الحجارة بتاعت الجهاز، وبدأ المؤشر بتاع الصوت بعدين يتحرك، وسمعت صوت حد بيعيط، وبيطلع كلام مقطع، وبعدها فضل يتكلم وينده بصوت عالي:
-أميييي، يا أميييييييي، أميييييييييييييييييييييييي.

ودي كانت أبرز حاجة حصلت في الليلة الثانية، مشوفتش حاجة مُرعبة، وكُل شيء مشي طبيعي، والليلة التالتة عدت بسلام وبدون مشاكل، دونت كُل حاجة حصلت بكُل دقة وأمانة، وقَررت في بالي إني لازم أنشُر كُل التسجيلات اللي عملتها، والبحث بتاعي، علشان الناس تعرف وتشوف الحقيقة كاملة، بعيداً عن أي خُرافات بتتقال ومش بتحصل. كلمت صَحفي زميلي، وخليته يوصلني لمُذيع تليفزيوني كبير، واتفقت معاه هطلع في حلقة  بث مُباشر وأحكي تَجرُبتي، وافق جداً، وحسيت وقتها بفرحة كبيرة جوايا.

 روحت تاني يوم للمقابر، لكني مَلقتش التُربي بَره، دَورت عليه في كُل حتة، مالقتلهوش أثر، اتصلت بيه، تليفونه رد عليا، بس مكنتش سامع صوته، وبعد ثواني بسيطة سمعت تلات أصوات عارفهم كويس، الأصوات اللي سجلتلها، اترعبت وخلقت في بالي ألف سيناريو مُحتمل للتُربي، بصيت بجنون على البوابة بتاعت المقابر لاقيتها مفتوحة، جريت ودخلتها، وروحت عَند القبر اللي فيه جهاز التسجيل، كسرت القفل بتاعه بحجارة من الأرض، وفتحت السلسلة وبعدها باب القبر، دخَلت جوه عند الجُثث التلاته، لاقيتهم بقوا أربعة، دققت النظر لاقيت التُربي ميت جنبهم، قَربت بحذر، دورت على الجهاز، لاقيته أخدته وطلعت جاري على البيت.

دخَلت البيت، وقَعدت في الصالة لمُدة ساعة كاملة بعيط، وضميري كان مأنبني أوي، واتصلت بالمُذيع اتحججتله بأن في حاجة بحضرلها وهكشفها هتكون خطيرة وطلبت منه شوية وقت. الليل جيه، وضميري مكنش مريحني بسبب موت التُربي، نزلت من شَقتي وروحت المقابر تاني، ودورت على ابن التُربي وكلمته، رحب بيا ودخَلني الأوضة اللي عايشين فيها، من الواضح إنه لسه مكتشفش غياب أبوه.
قولتله:
-هو باباك فين ؟
-قالي الله يرحمه مات من كذا سنة، حضرتك بتسأل عليه ليه ؟
-مات إزاي ؟ أمال أنا كُنت بقابل مين ؟ وبتكلم مع مين ؟
-مات موتت ربنا، سبحان الله ده سؤال ميتسألش يا بيه، الموت بتاع ربنا وحده.
قُمت باستغراب، وقولتله:
-بس أنا جيت هنا كذا مَرة واتكلمت مع باباك.
قالي:
-مش ممكن، ده ميت من كتير أوي، طب ممكن توصفلي شَكله حتى ؟
-طَويل وعَريض وأقرع.

الشاب ضحك وقالي:
-دي مش مواصفات أبويا يا بيه.
قولتله:
-طب بعد ازنك في قبر عايز أبص عليه ضروري.
-أنت شكلك في طب وعايز حاجة معينة، قولي عايز إيه بالظبط وهجبهولك وبسعر حنين.
سيبته وقُمت وروحت عَند القبر اللي كان فيه الجهاز، وكسَرت القفل بتاعه، لاقيت كُل حاجة طبيعية، والقفل زي ما هو ومافيش أي حاجة غَريبة. الشاب ابن التُربي بصلي بتركيز وقالي:
-اللي فات مات يا بيه.
قولتله:
-يعني إيه ؟
-يعني اللي حصل تنساه، ومدورش عَليه تاني، أبويا كان حكيلي كُل حاجة قبل ما يختفي، واللي حصل بينكم مينفعش يطلع.
-يعني أبوك مش ميت من كتير زي ما قولت ؟
قالي والغضب بدأ يظهر عَليه:
-أبويا خد جزأه من ربنا، والأحسن إنك متتكلمش علشان متهمكش بقتله، واتهمك كمان بمحاولة سرقة جُثث من القبر، الأحسنلك والأحسنلي إنك تنسا اللي حصل.
قولتله بزعيق:
-أنت بتعمل كُل ده ليه ؟
-علشان نعرف نعيش، صدقني مش هسيبونا في حالنا.
-أنا أقدر أحمي نفسي كويس، ومعايا سلاح.

 فضل يضحك وقالي:
-بس دول محدش يقدر يحميك منهم، دولا ملاعين، وشياطين، قولي بقى مين يقدر يحميك منهم، أحرق التسجيلات اللي معاك، وانسا اللي حصل.
قام من مكانه ومَد إيده ناحية الباب وراح قالي:
-نورت يا بيه.
خَرجت وروحت بيتي، لا لاقيت التسجيلات، ولا الجهاز، ولا حاجة، خسرت كتير أوي في التجربة اللي عملتها دي، واللي خسرته بزيادة هو إن الشقة مبقتش طبيعية زي الأول، ومبقاش ينفع يتقعد فيها، لا بليل ولا بالنهار، أصوات غَريبة في كُل حتة، حركات للعفش بليل، خيالات بتجري في كُل جانب، وناس بسمعها بتصرُخ وبتنده على اسمي، لازم أمشي في أسرع وقت، بس التجربة هتتكرر تاني، لكن المَرة دي الموضوع هيكون مختلف جدًا، وهكشفه للكُل. #الكاتبة نوستالجيا الادب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنواع الجن

اشهر انواع الجن 1-الغول الغول في لغة العرب هو الجان الذي يبدي بالليل , فهو اكثر ما يتراءى في الليل لمن يسافر وحده وأوقات الخلوات , ويكون الانسان مقابل حجمه كالطفل الرضيع عند امه , ومن اعماله يصد المسافر عن الطريق ويفزع وربما يأذي ويسحر لأنه من الجان الذي له القدرة على سحر الانسان , وفي اللهجة العامية يسمى بالطنطل , وللأمن من الغيلان , قال رسول الله صلى الله علية وسلم اذا تولعت بكم الغيلان فأذنوا. 2-السعلاة مسكنها الصحراء , واكثر ما تتراءى على هيئة امرأة واذا ظفرت بأنسان تقتله خنقا ثم تلعب به كما تلعب الهرة بالفأر وبعدها تأكل شيئا من جسده , والعجيب ان هذا النوع من الجن يخاف الذئاب فإذا رآها الذئب افترسها وقتلها وهذه من عجائب خلق الله الذي اودع خاصية الإفتراس لبعض انواع الجن وهذا ما يحد من فساد الجن وتعرضهم للإنسان . 3-الدلهاب هذا النوع من الجن يوجد بالبحار ويتراءى على صورة انسان جلده كصخر البحر الذي تجمع عليه الطحالب وهن يتعرض للمراكب القريبة من ويقذف اهلها في البحر 4- ام الصبيان ولها 300 مساوئ منها عقد اليدين والرجلين والرأس والمفاصل والاسنان وثقل اللسان وتشويه ا

الجنة الضائعة

20 ايار / مايو عام 1506 , في احد القصور الفخمة في مدينة بلد الوليد (Valladolid ) الاسبانية, تمدد رجل خمسيني على احد الاسرة و هو يحدق بعينيه المرهقتين الى السماء الزرقاء المطلة من احدى النوافذ الصغيرة العربية الطراز , كان كريستوفر كولمبوس يعاني سكرات الموت بسبب قلبه المريض , و في تلك اللحظات الاخيرة و الحرجة من حياته يبدو من المستحيل ان نجزم بما كان يدور في رأسه , الا ان انجازه التاريخي الكبير لم يكن غائبا عن باله حتما , فرغم ان الرجل و حتى الرمق الاخير من حياته كان يظن بأنه قد اكتشف الساحل الغربي للهند , لكنه مع هذا يبقى رسميا المكتشف الاول للقارة الامريكية , و ستظل هذه المعلومة التاريخية تدرس للطلاب الصغار في ارجاء العالم و لمئات السنين , الا انه و منذ منتصف القرن المنصرم , و مع ولع الناس المتزايد بقصص ما وراء الطبيعة , كالصحون الطائرة و قارة اطلانطس و الغرائب الموجودة في بعض الحضارات القديمة , اخذ بعض الباحثين يتحدثون عن اناس سبقوا كريستوفر كولمبوس بمئات و الاف السنين في اكتشافهم لأمريكا , و راجت الكتب و المقالات التي تتحدث عن سفن فرعونية و سومرية و فينيقية و رومانية حطت رحالها

ذو الايدي المحترقة

ذو الأصابع المحترقة  تدور هذه القصة حول فتاة مهاجرة من اسكتلندا إلى الولايات المتحدة الأمريكية تدعى آنا دوروثيا في زمن الهجرة الأوربية في القرن التاسع عشر والعشرين ، هاجرت الفتاة للبحث عن عمل والاستقرار في الولايات المتحدة ووجدت بالفعل عمل مناسب لها في منزل شاب ثلاثيني يدعي ويليام ساليسبري .  كان الرجل سيئ الطباع وعنيف للغاية ويتمتع بالعدوانية والشراسة الشديدة في تعاملاته مع غيره وكان يتلذذ بالتعذيب ومن وقت لأخر كان يختلق الأعذار ليعذبها في أحد المرات أدعى أنها تتلصص على زوجته مما وجهه له الحق بجلدها بقسوة شديدة ، ولكثرة ما حدث لها جعلها تفكر في الهرب من الجحيم الذي تعيش فيه في هذا المنزل وبالفعل استطاعت في أحد المرات أن تهرب وتوجهت نحو الغابة وكانت لا تدرك المخاطر .  وعندما أدرك الرجل ما حدث ثار بشدة وظل يبحث عنها في كل مكان وتوجه للغابة ووجدها هناك كانت في حالة سيئة جدًا من الضرب ولكن الحالة لم تشفع له فجرها من يدها بحصانه فتعرضت للسحل على الأحجار والطريق وماتت ثم القبض على الرجل ومحاكمته وقدم حجج واهية أمام المحكمة ولكنه تلقى عقوبة الإعدام شنقًا ولكن الأثرياء في تلك الفترة كان