*التعريف بالسحر 6*
*هاروت وماروت*
من أشهر ما وجد فى القراّن القريم عن السحر هو سحر هاروت وماروت وما روى عن تعليمهم السحر للناس فى بابل ولكن ما هى الحقيقة؟.
قال تعالى (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله فى الاّخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون)..صدق الله العظيم
وقد ذكر النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ذلك فى أحاديثه الشريفه فقد روى عبد الله بن بشر المازنى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ..(اتقوا لدنيا فوالذى نفسى بيده إنها لأسحر من سحر هاروت وماروت )..صدق رسول الله صلى الله عله وسلم
وقد عطف سحر هاروت وماروت فى الاّية الكريمة على سحر اليهود فى قوله تعالى (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا .....)..صدق الله العظيم
فذلك لأنه سحر خاص تميز عن السحر العام بعمقه وصعوبته بعد غور طلاسمه أو لأنه كان سحرا مغايرا تماما ومختلفا عن باقى الأسحار فما أنزل على الملكين وإن كان سحرا إالا أنه نوع منه متعارف عليه عند الناس وغير ما تلته الشياطين على ملك سليمان وقد أنزل الله هذا الضرب من السحر ابتلاء من الله سبحانه وتعالى لعباده فكان الملكان لا يعلمان أحدا حتى يحذراه بقولهما إنما نحن فتنة فلا تكفر وهناك أوجه كثيرة للقصة ...
فقد روى عن الحسن أنه قرأ 0الملكين0 بكسر اللام وأنهما كانا علجين ببابل ويراد بالانزال الالهام ؛ولكن قراءة الجمهور بخلاف ذلك بفتح اللام
والوجه الأكثر شهرة للقصة :
فإن قيل : وكيف نزل الكفر على الملكين وهم يفعلون ما يؤمرون ، ويسبحون الليل والنهار لا يفترون ، فأنى يصح أن يتكلموا بالكفر ويعلموه ؟ قلنا : هذا الذي أشكل على بعضهم حتى روي عن الحسن أنه قرأ الملكين بكسر اللام ، وروي أنه كان ببابل علجان ، وقد بلغ التغافل أو الغفلة ببعضهم حتى قال : إنما هما داود وسليمان ، وتأول الآية : { وما أنزل على الملكين } أي في أيامهما .
وقوله تعالى : { وما يعلمان من أحد } يعني : الشياطين .
وقد روى المفسرون عن نافع قال : قال لي ابن عمر : أطلعت الحمراء ؟ قلت : طلعت . قال : لا مرحبا بها ولا أهلا ، وأراه لعنها .
قلت : سبحان الله ، نجم مسخر مطيع تلعنه ؟ قال : ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الملائكة عجت من معاصي بني آدم في الأرض ، فقالت : يا رب ، كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب ؟ فأعلمهم الله سبحانه أنهم لو كانوا مكانهم ، ويحل الشيطان من قلوبهم محله من بني آدم لعملوا بعملهم ، وقد أعطيت بني آدم عشرا من الشهوات فبها يعصونني . قالت الملائكة : ربنا لو أعطيتنا تلك الشهوات ، وابتليتنا ، لحكمنا بالعدل ، وما عصيناك . فأمرهم سبحانه أن يختاروا منهم ملكين من أفضلهم ، فتعرض لذلك هاروت وماروت وقالا : نحن ننزل ; وأعطنا الشهوات ، وكلفنا الحكم بالعدل . فنزلا ببابل ، فكانا يحكمان حتى إذا أمسيا عرجا إلى مكانهما ، ففتنا بامرأة حاكمت زوجها اسمها بالعربية الزهرة وبالنبطية بيرخت وبالفارسية أقاهيد فقال أحدهما لصاحبه : إنها لتعجبني . قال له الآخر : لقد أردت أن أقول لك ذلك ، فهل لك في أن تعرض لها ؟ قال له الآخر : كيف بعذاب الله . قال : إنا لنرجو رحمة الله . فطلباها في نفسها قالت : لا حتى تقضيا لي على زوجي ; فقضيا لها وقصداها وأرادا مواقعتها ، فقالت لهما : لا أجيبكما لذلك حتى تعلماني كلاما أصعد به إلى السماء ، وأنزل به منها ; فأخبراها ، فتكلمت فصعدت إلى السماء فمسخها الله تعالى كوكبا ، فلما أرادا أن يصعدا ، لم يطيقا فأيقنا بالهلكة ; فخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا ، فعلقا ببابل فجعلا يكلمان الناس كلامهما ، وهو السحر . ويقال : كانت الملائكة قبل ذلك يستغفرون للذين آمنوا ، فلما وقعا في الخطيئة استغفروا لمن في الأرض } .
قال القاضي : وإنما سقنا هذا الخبر ; لأن العلماء رووه ودونوه فخشينا أن يقع لمن يضل به .
وتحقيق القول فيه أنه لم يصح سنده ، ولكنه جائز كله في العقل لو صح في النقل ، وليس بممتنع أن تقع المعصية من الملائكة ، ويوجد منهم خلاف ما كلفوه ، وتخلق فيهم الشهوات ; فإن هذا لا ينكره إلا رجلان : أحدهما : جاهل لا يدري الجائز من المستحيل ، والثاني : من شم ورد الفلاسفة ، فرآهم يقولون : إن الملائكة روحانيون ، وإنهم لا تركيب فيهم ، وإنما هم بسائط ، وشهوات الطعام والشراب والجماع لا تكون إلا في المركبات من الطبائع الأربع ، وهذا تحكم في القولين من وجهين : أحدهما : أنهم أخبروا عن الملائكة وكيفيتهم بما لم يعاينوه ، ولا نقل إليهم ، ولا دل دليل العقل عليه .
تعليقات
إرسال تعليق